من مقاطع للكاتب ابراهيم جابر ابراهيم بصوت أحمد قطليش
أربّي ” الغيابَ ” في منزلي مثل ذئبٍ صغير .
لا يعُضُنّي
.
لكنَّهُ يوقظني عواؤه في الليل : يا أبي ؛ أنا وحيدٌ مثل ذئبٍ صغير !
مثل نجمٍ مريضٍ وخافت أقفُ على بيتك : يمرُّ الأنبياءُ في طريقهم للشُغل أو للفكاهة ، ويضحكُ مني طفلٌ أعمى ، تمرُّ النســاءُ الطامعات يحملنَ جرار الزيت الى بيوت الهناءة .
ولا أحدَ يضع يده على كتفي .
..
أنا الوحيد هناك مثل شجرةٍ قطعوا ظِلّها ،
لا أحد هناك يقول لي : صباح الخير .
لا امرأة تهجرني
أو أهجرُها بسبب البهار في الطَعام .
لا ريح خفيفة ترجُّ الباب .
.
مثل جرزة الصوف الخَشِن يحكُّ الشوقُ عيني ، وأنـا أقلّبُ الصور القديمة : نقف أنا والحب مثل شقيقين ( هو الطويل الذي يقفُ الى اليسار ) ..
.
لا أحد هناك يغفرُ لي
أقتاتُ على ضحكاتٍ قديمةٍ دون تذكّر أسبابها
ثُمّ أُعلّقُ صورتي في البيت وأبكي عَلَيها
كأنّني أنتظـرُ أحــداً
أنظرُ للساعة كلّ خمس دقائق مرّتين
أقوم لأطمئنّ على نظافة الأكواب ، واتفقدُ صحنَ الفاكهة
أجرّبُ ابتسامتي أمام المرآة
أرفع رماد السيجارة الذي وقع قبل قليل عن السجّادة البيضاء
أفتحُ البابَ وأقرعُ جرس الباب ( لأكون أكيداً بان الكهرباء لم تتعطّل اليوم )
أجلسُ باسترخاء لأبدو أمام نفسي ( الفضولية ) هادئـاً
وأقول لي : كنتَ تنتظرُ أحداً ولسببٍ ما ربما لن يجيء !
فأهزُّ رأسي موافقاً ..
وأعيدُ صحن الفاكهة للثلّاجة
.
هكذا أطردُ الوحشة كل يوم ؛ فأنــا لستُ وحيداً ، إنما لسببٍ ما أجلسُ وحدي !