قاسم حداد – انتحارات
صوت أحمد قطليش
سَنقرأُ شِعراً
يُـؤلفُه الأصدقاءُ وينتحرون
ونغتاظُ مما سَيَخْسَرهُ الأصدقاءُ
لتَبْكِيرهِم في الذَهابِ
فَلَهُمْ عندنا جَنةٌ في العُيون.
لَـدَينا لَهم ما تَبقّى لنا
مِنْ بلادٍ ومن حَانةٍ،
يَسْتَعِيدُ بها السَاهِرُونَ مَراراتَهم
في زُجاجٍ كئيبٍ ويحتدمون .
لدينا لهم جَوقةٌ من بقايا الحروب،
جنودٌ يُؤدُّونَ كُلَّ النَهاياتِ
يَفْتُونَ في جَنَّةِ الله
ويَستَفسِرونَ عن الشَّمس ،
حتى يَكادُ الجنونْ .
أيُّها الأصدقاءُ لدَينا لَكُمْ
مِنْ تُراث الضَغائِنِ مَخْطُوطَةٌ حُرَّةٌ
فكيفَ سَنَقْرَأُ شِعْراً لَكُمْ
وأنتُمْ بَعِيدُونَ عَمّّـا أدَّخَرْناهُ لِلِّيلِ مِنْ قَهوةٍ مُـرةٍ
ومنْ فَلَذاتٍ و أعداء لا يَرحَمُونْ .
لماذا تَشُكُّونَ إنّـا وَحِيدُونَ مِنْ بَعدِكُمْ ،
ونَحنُ هُنا في البَراثِنِ مُسْتَوحِشُونَ
ونَرْفُلُ في الوَهْمِ ،
كيفَ تُسَمُّونَ أخطَاءَنا نَزوَةً
ولدَينا لَكُمْ،
– لو تَركتُمْ حَمَاقاتِكمْ بُرهَة ً -خُصُومٌ ألـدّاءُ
يَسْتَرِقُونَ مِنَ النَّصِّ ما يَجْعَلُ السَّيفَ تُفاحَةً ،
يُغالونَ في الإجتهادِ ويستنفرُونَ إذا مسَّهمْ صمتُنا.
أيها الأصدقاءُ الوَحِيدُونَ في صَمتِهمْ ،
لماذا ذَهَبتُمْ بِمُنْعَطَفٍ فَادِحٍ
ولَكُمْ عِندَنا العَاشِقاتُ اللواتِي يَطِرْنَ لَكُمْ شَهوةً
ويَغسِلنَ بالرَّغَبات الحَمِيمَةِ أجسادَكمْ .
لدينا لكم – لو تَريثتمُ – نُزْهةٌ في الهَزِيع النَـزيه مِنَ النَّصِّ ،
كَي تَأخُذُوا آخرَ الأوسمة ،
فكلُّ انتحاراتِكمْ عَبَثٌ عَارِمٌ وكلُّ احتِمالاتِنا مظلمة .
لماذا تَظنُّونَ أنّـا قََرَأنا لَكُم سَأمَاً وتَنتَحِرونْ .
لماذا لنا وَحْدَنا أن نُرَمِّـمَ إرثَ الضَغائِنِ بالشِّعرِ
كي نَستَحِقَ اللَّحاقَ بكمْ ،
ولكمْ وَحْدكمْ رَغبةٌ في الغِيابِ كَمَا تَشْتَهونْ .
أيها الأصدقاءُ الحَمِيمُونَ ،
ماذا سَيبقى مِنَ الشِّعرِ يَقرأهُ الآخرُونَ عَلينا
لنُنقِذَ أرواحَنا بَغتَةً
رَيثَما يَستَردُ الخُصُومُ طَبيعتَهمْ في الكتابِ
و يَنتَحِرونْ .