أحمد قطليش – خذ الباب بوجهك
هندسة صوتية: محمود أبو غلوة
تقولُ العائلة للغاضبِ: اخرج، اخرج وخذ الباب بوجك!
أخذَ الباب بوجهه ولم يعد، تركهم بلا باب، وظلّ الباب في وجهه بقفلٍ دون مفاتيح، بقبضةٍ مخلوعة.
لم يفتح وجهه لأحد فكانوا يكتبون عليه ما يكتبه التلاميذ في حمّامات المدارس، ما يكتبه السكارى على أبواب الحانات.
حجزه عن الكلام، وعن أسئلة قاعات الانتظار واللقاءات الأولى.
حجزه عن البرد، لكنه كان يحترق في الشمس. لم يبالِ، كان يمجّ نار الحريق كسيجارة، يراكم الدخان ولا يستطيع زفيره. كان على رئته أن تختنق، لكن قبيل أن يوصد عليها كان جوفه قد امتلأ بصراخ العائلة، وظل الصوت في الداخل يسلي وحشته.
لم يأبه أحدٌ قبلًا بوجهه القبيح. الآن، إذا ما أحبّ امرأةً فالباب حليفه، والنساءُ يحببن الأبواب ويخفن فتحها. أن يحب امرأةً وأن تحبه امرأةٌ وبينهما بابٌ موصد. هذا كفايته من الآخرين.
قريباً سيموت، بعد أن يجوّف الدخان جذعه ويصير صلصالاً. ولأن هناك باباً بوجهه، سيصير بيتا، بيتاً موصداً يحفظ صوت العائلة.