“لا يستطيعُ الليلُ أن يأتي بأكثرَ من عواءِ الرّيحِ..
في غبشِ التذكّرِ واختلاجاتِ الوجودْ
لا يستطيع إمالةَ الأبوابِ في تجوالهِ بينَ السطورِ،
ولا الدخولَ إلى مقاصيرِ القصيدةِ عندَ منعطَفِ الوعودْ
فهي البعيدةُ عن منافيهِ…
القريبةُ من حرائقها..
القصيّةُ في الشمالْ
والليلُ أوسعُ من سوادِ الكائناتِ..
وحلكةِ الأوقاتِ،
أوسعُ من ضلالاتِ السؤالْ
والليلُ هذا خطوةٌ لا تستطيعُ السيرَ أكثرَ في الطريقِ،
ولا سؤالَ النهرِ والعشّاقِ عنْ خيلِ الغوايةِ,
حينَ غابتْ في الظلالْ
والليلُ آخرُ ما نراهُ من الغموضِ على شبابيكِ التذكّرِ،
واشتباهِ الضوءِ سهواً باستداراتِ المحالْ
وهو الإناءُ،
وحزننا مطرٌ تهاطَلَ في السلالْ
وهو الذي في غفلةٍ منّا ومن عبقِ المقاعدِ..
يستثيرُ مرامدَ الشوقِ العميقِ فنعبرُ الرؤيا,
ولا ندري بأنَّ الليلَ قافلةٌ تسافرُ في الخيالْ
ولأنّنا في الأصلِ نُخفي غيمةً في الخافقِ التيّاهِ..
يأخذنا شرودُ الليلِ نحوَ النبعِ ثانيةً إلى أفيائنا الأولى،
وحيثُ اللهُ ألهمَ طينَهُ هذا الجلالْ
فنمرُّ في المعنى قليلاً كي نفسّرَ خوفَنا،
ونفسّرَ القبلاتِ والأغلالَ والجرحَ القديمَ،
ورفّتي نجوى تهاطلتا على سفحِ الحزينِ..
أوانَ تغلّقتْ سبلُ البقاءِ،
وماتتِ العنقاءُ وارتجفَ المآلْ
في خطوتينِ على الرّمالْ
الليلُ صوتٌ غامضُ القسماتِ أخفى من حقيقتهِ الكثيرَ،
ولم يدعْ غيرَ التشابهِ في الخصالْ
هو لم يقلْ شيئاً،
وخلّى البابَ مفتوحاً على كلِّ احتمالْ
كي لا يُقالَ تشابهتْ في الظلمةِ الأشياءُ،
والليلُ اختلافٌ في السكوتِ وفي المقالْ
هو لم يقلْ أنّ الحقيقةَ لا تُقالْ!.”